responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 279
كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ، قَالُوا: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ، وَأَنَّ الْقَائِلِينَ ذَلِكَ هُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ [الْأَنْعَامِ: 124] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً [الإسراء: 90] إلى قوله: قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا [الْإِسْرَاءِ: 93] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا [الفرقان: 21] ، وقوله تعالى: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً [الْمُدَّثِّرِ: 52] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى كُفْرِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَعُتُوِّهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَسُؤَالِهِمْ مَا لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِهِ، إِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ وَالْمُعَانَدَةُ، كَمَا قَالَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وغيرهم، كما قال تعالى: يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النِّسَاءِ: 153] ، وَقَالَ تَعَالَى: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة: 55] .
وقوله تعالى: تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ أَيْ أَشْبَهَتْ قُلُوبُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ قُلُوبَ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ فِي الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ وَالْعُتُوِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: كَذلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَواصَوْا بِهِ [الذاريات: 52] ، وقوله تعالى: قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ، أَيْ قَدْ أوضحنا الدَّلَالَاتِ عَلَى صِدْقِ الرُّسُلِ، بِمَا لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى سُؤَالٍ آخَرَ وَزِيَادَةٍ أُخْرَى لِمَنْ أَيْقَنَ وَصَدَّقَ وَاتَّبَعَ الرُّسُلَ، وَفَهِمَ مَا جَاءُوا بِهِ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَمَّا مَنْ ختم الله على قلبه وسمعه، وجعل على بصره غشاوة، فأولئك قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يونس: 96] .

[سورة البقرة (2) : آية 119]
إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (119)
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حدثنا أبي أخبرنا عبد الرحمن بن صالح أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّهِ الْفَزَارِيُّ، عَنْ شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، قال: «أنزلت علي إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً، قَالَ: بَشِيرًا بالجنة ونذيرا من النار» .
وقوله: وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ قِرَاءَةُ أَكْثَرِهِمْ وَلَا تُسْأَلُ بِضَمِّ التَّاءِ، عَلَى الْخَبَرِ وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمَا تُسْأَلُ، وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مسعود ولن تسأل عن أصحاب الجحيم، نقلها ابْنُ جَرِيرٍ [1] ، أَيْ: لَا نَسْأَلُكَ عَنْ كُفْرِ من كفر بك كَقَوْلِهِ: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [الرَّعْدِ: 40] ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 21] الآية، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ

[1] تفسير الطبري 1/ 564.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 279
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست